(((كويسه)))
كانت هذه الكلمة إجابة معلم التربية الفنية، عندما طلب منه التلميذ أن يلقي نظرة على عمله الفني.. طلب ذلك وهو مبتهج وتعلو وجهه الصغير ملامح الفخر بالإنجاز، وترتسم في فمه أنشودة الفرح.. «كويسة» هكذا قيلت له جافة، خالية من الدسم ومن كل المحسنات البديعية، لا ابتسامة رضا، ولا كلمة لطيفة تسجل في ذاكرة الطفل موقفًا حافزًا، ولا حتى نظرة صادقة، يطمئن منها الطفل، بأن «كويسة» هذه جاءت نتيجة تقييم صدر بعد تأمل، ولا تربيت على كتفه يهدهد بها مشاعره الصغيرة.. حقيقة لا أدري ما مصدر «كويسة» أهي من الكياسة أم من الكوسا؟ هذا الموقف يتكرر حدوثه بشكل ملحوظ، وينتشر في مجتمعنا المدرسي.. وما أكثر الذين يقتلون الإبداع في المهد!
ومما يمتعنا معشر المعلمين حين نسمع حديث الذكريات مع رجال الفكر والعلم والأدب والناجحين على مختلف مشاربهم ومستوياتهم، ونشعر بفخر الانتماء لهذه المهنة حين يرجعون الفضل- بعد الله- إلى أساتذتهم الذين أظهروا لهم ابتسامة رضا في موقف إنجاز، أو قالوا كلمة شنفت آذانهم، وحملقت لها عيونهم، فانطلقوا على إثرها من نجاح إلى نجاح.
علي عكس هذا المعلم ,, مادة القراءة بالمرحلة الابتدائية في أحد الصفوف الأولية، وكان الدرس يتطلب القراءة الجهرية من التلاميذ فيقرأ كل تلميذ النص المطلوب، إلا أن واحدًا منهم كان عندما يأتي دوره فإنه لا يجهر بالقراءة وإنما يجهش بالبكاء ويقلب الحصة نكدًا! وصارت هذه عادته في كل مرة، يقول المربي: «وفي المرة الثالثة عندما جاء دور التلميذ للقراءة طلبت من زملائه التصفيق له قبل أن يفكر في البكاء، وفي الرابعة طلبت منهم التصفيق له أيضًا دون أن يقرأ، وفي الخامسة قرأ كلمة أو اثنتين، ثم تدرجت في ذلك حتى صارت قراءته كبقية زملائه وانتزعت حاجز الرهبة منه، ومرت الأيام لأراه صحفيًا في إحدى الصحف».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق